×
آخر الأخبار
العرادة يدشّن مشاريع تنموية وخدمية ويزيح الستار عن مجسم النصر بمأرب (صور) القات يلتهم المحاصيل الزراعية ويفاقم البطالة في اليمن صنعاء.. المحكمة الجزائية تقضي بالاكتفاء بمدة سجن الصحفي محمد المياحي الأحزاب والمكونات السياسية ترحب باستجابة التحالف العربي بقيادة السعودية لطلب الحكومة الأمم المتحدة: نراقب التطورات في حضرموت والمهرة وندعو إلى التهدئة والحوار اليمن و20 دولة و"التعاون الإسلامي" يرفضون اعتراف الاحتلال الإسرائيلي بانفصال شمال الصومال اللواء العرادة يشدد على رفع الجاهزية القتالية والانضباط العسكري التحالف يستجيب لطلب الرئيس.. المالكي: سنتعامل بحزم مع أي تحركات عسكرية للانتقالي ابنة المحامي صبره تطالب بالإفراج عنه وتؤكد " العدالة سُجنت مع أبي"  مجلس الشورى يعلن تأييده الكامل والمطلق لقرارات مجلس الدفاع

القات يلتهم المحاصيل الزراعية ويفاقم البطالة في اليمن

العاصمة أونلاين - العربي الجديد


الأحد, 28 ديسمبر, 2025 - 09:45 مساءً

يشهد اليمن توسّعاً متسارعاً في زراعة وتجارة القات، بالتوازي مع تراجع الأنشطة الزراعية الغذائية وارتفاع معدلات البطالة، خصوصاً بين فئات عمرية صغيرة. ويأتي هذا التحوّل في ظلّ اتّساع المساحات المزروعة بالقات واستقطابه أعداداً متزايدة من العمالة، على حساب محاصيل أساسية تمثل ركيزة للأمن الغذائي وسوق العمل، وفق ما يرصده خبراء اقتصاد وشهادات ميدانية.

في إحدى ضواحي صنعاء، يعمل نجم الحدي، البالغ 16 عاماً، في حقول زراعة شجرة القات بعد أن ترك مدرسته، متجهاً إلى نشاط يشهد توسعاً لافتاً في مختلف مناطق اليمن، يقول الحدي لـ"العربي الجديد" إنّه يعمل "مبزغاً"، وهو المسمى المحلي لعمال قطف أوراق القات، وغالبيتهم من الأطفال والمراهقين.

ويوضح أنه يبدأ يومه عند السادسة صباحاً من نقطة تجمع يجري تحديدها بالتنسيق مع التاجر، الذي قد يكون مزارعاً أو موزعاً أو متعهداً، قبل الانطلاق إلى الحقول، ويشير إلى أنه يعمل نحو خمس ساعات يومياً مقابل أجر يبلغ ألف ريال يمني (67 سنتاً).

تجارة مزدهرة
ويهيمن القات على الأسواق اليمنية التي تشهد ازدهاراً واسعاً في تجارته، المقدرة بمليارات الريالات، مع اقتطاعه مساحات زراعية شاسعة في مختلف المحافظات. وفي هذا السياق، يشكّك خبراء اقتصاد في قدرة هذه النبتة على الإسهام في مكافحة البطالة أو استيعاب الأيدي العاملة على نحوٍ مستدام، رغم أن أكثر من 70% من القوى العاملة اليمنية تنشط في القطاع الزراعي، ويرى اقتصاديون أنّ توسّع زراعة القات يجري على حساب المحاصيل الزراعية الغذائية، ما يفاقم البطالة بدل الحد منها. وفي السياق نفسه، يقول رياض صالح (15 عاماً) لـ"العربي الجديد" إنه يعمل في حقول القات لمساعدة أسرته على تلبية احتياجاتها المعيشية، موضحاً أنه يحصل، إلى جانب أجره اليومي، على كمية من أوراق القات يقوم ببيعها في السوق.

ويشتغل آلاف اليمنيين عمالاً "مبزغين" في حقول القات المنتشرة في عدد كبير من المناطق، في ظلّ تحول هذه النبتة إلى واحدة من أكبر وأهم الأنشطة التجارية في البلاد.
وتدور أموال طائلة ضمن سلاسل تمتد من مناطق الإنتاج، مروراً بنقاط التجميع والتوزيع، وصولاً إلى الأسواق المحلية في معظم المدن، إلى جانب نشاط ملحوظ لتهريب القات بطرق مختلفة إلى خارج اليمن.

وتتركز العمالة في هذا النشاط ضمن الفئة العمرية بين 12 و18 عاماً، خصوصاً بين المتسربين من المدارس أو غير القادرين على مواصلة التعليم لأسباب اقتصادية، وتقدر نسبة الزيادة في أعداد هذه الفئة خلال السنوات الثلاث الماضية بأكثر من 40%، بالتزامن مع توسع المساحات المزروعة بالقات وانتشار أسواقه.

ويربط الخبير الاقتصادي محمد علي قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، في حديث لـ"العربي الجديد"، بين توسّع زراعة القات وارتفاع معدلات البطالة، خلافاً للاعتقاد السائد بأنه يساهم في امتصاصها.

ويوضح أن القات يؤدي إلى تراجع القوى العاملة في الأنشطة الزراعية الغذائية المتنوعة، التي تشكل القاعدة الأساسية لمواجهة البطالة والفقر وتحقيق قدر من الأمن الغذائي. وتشهد أسواق القات نشاطاً يومياً واسعاً في مدن رئيسية مثل صنعاء، التي تتدفق إليها أصناف متعدّدة من القات من مناطق أرحب وهمدان، إضافة إلى محافظات أخرى أبرزها ذمار وتعز والضالع.

ويقول عبد الله شوعي، بائع قات، لـ"العربي الجديد" إنه يتعامل مع مزارعين محدّدين يجري الاتفاق معهم مسبقاً قبل موعد القطف. وعند حلول الموعد، يحتاج إلى نحو عشرة عمال "مبزغين" لقطف قطعة الأرض، التي تسمى "الجربة" في صنعاء والمناطق الشمالية، و"الحول" في تعز وبعض محافظات الجنوب، ويحدّد عدد العمال وفق مساحة الأرض المزروعة والكمية المراد تسويقها، إذ تحتاج بعض الأراضي الكبيرة إلى أكثر من 15 عاملاً.

وفي محافظات تعز والضالع وذمار وصعدة، التي تشتهر بأصناف عديدة من القات وتنشط فيها عمليات تهريب، يشكو عمال من ممارسات تجارية مجحفة، من بينها عدم دفع كامل الأجر المتفق عليه أو تقليص كمية القات التي يفترض حصولهم عليها، وتتراوح الكمية التي يقطفونها بين 300 و500 "علاقية" (أكياس بلاستيكية).

أسعار متفاوتة
أما الأسعار، فتختلف بحسب الصنف والمنطقة، إذ تتراوح أسعار بعض أصناف القات في صنعاء بين ألفَي وثلاثة آلاف ريال (1.3 إلى دولارَين) للكمية الواحدة، بينما ترتفع في عدن إلى ما لا يقل عن خمسة آلاف ريال (3.3 دولارات)، وقد تتجاوز بعض الأصناف 20 ألفاً و50 ألف ريال (13 إلى 33 دولاراً)، وهو ما ينطبق على بعض الأصناف الفاخرة في صنعاء أيضاً.
وينتقد خبراء اقتصاد يمنيون هذا التوسع في زراعة القات، لما يسببه من هدر موارد مالية كبيرة في ظل أوضاع معيشية صعبة وتراجع الاقتصاد الوطني وتشوّه سوق العمل. ويشير قحطان إلى أنّ القات أسهم في تفاقم عدد من الآثار السلبية، من بينها الفساد والرشوة، واستنزاف المياه الجوفية، والتصحر، وارتفاع مستويات الفقر المائي والغذائي، إضافة إلى تسرّب العملات الصعبة إلى الخارج لاستيراد الأسمدة.

وفي الوقت نفسه، تمثل ضرائب القات مورداً مالياً مهماً للسلطات القائمة، وقد تكون المورد الرئيسي أو الوحيد لبعضها، مع تحول هذه النبتة إلى أحد أبرز مشغلي اليد العاملة في البلاد، خاصة بعد أن أدى الصراع إلى توسع زراعتها وتجارتها.

في المقابل، يعزو متخصّصون في مجال التشغيل هذا الواقع إلى تشوه سوق العمل وانهيار منظومة التعليم، في ظلّ انفصال متزايد بين مخرجات التعليم واحتياجات السوق. ويلاحظ هؤلاء تضخم أنشطة هامشية، مثل العمل في القات أو النقل، مقابل عزوف متزايد عن التعليم، إذ يفضل كثيرون الحصول على ألف ريال وكيس "قات" بدل الاستمرار في الدراسة، في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.



لمتابعة الموقع على التيلجرام @Alasimahonline


تعليقات 

اقرأ ايضاً 

كاريكاتير

1