الأخبار
- أخبار محلية
اليمنيون يتحدّون ألغام الحوثي بالعكاز والكرة.. أول مشاركة دولية لمنتخب مبتوري الأطراف
العاصمة أونلاين - غرفة الأخبار
السبت, 08 نوفمبر, 2025 - 12:05 صباحاً
اليمن الذي انهكته الحرب وقادت الملايين من أبنائه إلى رصيف الجوع وغياهب الألم، وغيبته عن المشهد الرياضي، خرج من بين صفوف جرحى الحرب من يصنع الأمل، ليؤكد أن الإعاقة ليست نهاية الطريق.
شباب يمنيون تعرضت أطرافهم للبتر بفعل الحرب القائمة في هذا البلد منذ أكثر من عقد من الزمن، لم يستسلموا للإعاقة، بل أسسوا منتخبا وطنيا لكرة القدم، كأول منتخب يمني لذوي البتر، متجاوزين الألم وكافة الصعاب، ليكتبوا فصلا جديدا في مسيرة الرياضة اليمنية.
يشارك 15 شابا يمنيا من مبتوري الأطراف بأول مشاركة خارجية، في تصفيات كأس آسيا التي تستضيفها العاصمة الإندونيسية جاكرتا، خلال الفترة من 9 إلى 15 نوفمبر الجاري، وهي تصفيات قارية مؤهلة إلى كأس العالم لكرة القدم لذوي البتر، المقررة إقامتها في كوستاريكا خلال الفترة من 31 يوليو إلى 9 أغسطس 2026.
يسعى المنتخب اليمني لذوي البتر، والذي يحمل عكاز بيد وبالأخرى علم بلده، إلى تقديم أداء يبعث الفرح في نفوس اليمنيين، ويوصل رسالة لأقرانهم مفادها أن الرياضة ليست ترفا، بل وسيلة للنهوض، وأن الإعاقة لا تعني الاستسلام، بل قد تتيح فرصة للحياة بشكل مختلف.
استعدادات متواضعة
يقول مدرب المنتخب اليمني لذوي البتر الكابتن نبيل مكرم، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن أول مباراة للمنتخب خارج اليمن ستُقام بعد غد الأحد التاسع من نوفمبر الجاري، ضد منتخب أوزبكستان في جاكرتا، ضمن مجموعة تضم إلى جانب اليمن وأوزبكستان كلا من اليابان وماليزيا وإيران.
يسعى مكرم لأن يقدم المنتخب في أول ظهور له صورة مشرفة عن الرياضة اليمنية، لافتا إلى أن الاستعدادات الداخلية كانت متواضعة، وشملت مباريات ودية و معسكرا تدريبيا استمر لأيام في الساحل الغربي من البلاد.
أنشئ منتخب اليمن لذوي البتر حديثا في محافظة تعز، بمبادرة قادها الشاب اليمني جهاد البريهي، الذي تعرض أحد أطرافه للبتر بسبب الحرب، حيث تم إشهار المنتخب في ديسمبر الماضي بعد سلسلة من الإجراءات الرسمية المحلية وموافقة الاتحاد الدولي للعبة، وفقا لمكرم.
يعوّل المدرب مكرم على الحماس الكبير لدى لاعبي المنتخب، قائلاً "حماس اللاعبين لاستعادة حياتهم الرياضية، ووقوفنا إلى جانبهم عامل مهم يمكن أن يقود المنتخب لتحقيق نتائج إيجابية في أول مشاركة له".
وذكر الكابتن مكرم أن فئة المعاقين في اليمن محرومة من ممارسة الأنشطة الرياضية، مؤكدا أن لديه خطة لتأسيس فرق محلية في عدة محافظات يمنية لذوي البتر، بهدف إشراك أكبر عدد ممكن من هذه الفئة في الأنشطة الرياضية، داعيا في الوقت ذاته جميع من فقدوا أطرافهم إلى ممارسة الرياضة والانخراط في الحياة العامة، وعدم السماح للإعاقة بأن تكون عائقا أمام حياتهم الطبيعية.
وأعرب المدرب اليمني مكرم عن أمله في أن يحقق المنتخب نتائج إيجابية في أول مشاركة خارجية له، وأن يرفع اسم اليمن عاليا، مشيرا إلى أن هذه المشاركة ستسلط الضوء على معاناة المعاقين في اليمن.
مصاب بلغم أرضي يؤسس منتخب
جهاد البريهي، شاب يمني في منتصف العشرينيات من عمره، تعرض في أغسطس 2016 لإصابة بانفجار لغم أرضي في مدينة تعز، ما تسبب في بتر قدمه اليسرى؛ قاده شغفه بكرة القدم إلى تأسيس النواة الأولى للمنتخب اليمني لذوي البتر.
يقول البريهي لـ((شينخوا)) "كنت مولعا بكرة القدم منذ الصغر، وبعد إصابتي بانفجار لغم بدأ اليأس يتسلل إلى داخلي وتغيرت حياتي كليا، لكني لم أستسلم، حاولت التأقلم مع وضعي الجديد وبدأت أبحث عن مخرج يعيدني إلى الحياة مجددا".
وتابع "شاهدت مقطعا مصورا على أحد مواقع التواصل الإجتماعي يظهر شبابا مبتورين يمارسون كرة القدم، فكانت تلك المشاهد بمثابة وقود ودافع كبير لي.. قررت أن أتتبع قوانين اللعبة، وبدأت بالتواصل مع أقراني من المبتورين في مدينة تعز، وأسّسنا فريقا محليا، ثم فرقا أخرى في محافظات مختلفة".
في ديسمبر 2024، حصل المنتخب على تصريح رسمي من وزارة الشباب والرياضة في الحكومة اليمنية، وفي أغسطس 2025، اعترف الاتحاد الدولي لكرة القدم لذوي البتر بالمنتخب اليمني رسميا.
وواصل البريهي قائلا "واجهنا صعوبات كبيرة، فلا دعم ولا اهتمام، لكننا تجاوزنا كل ذلك، لدينا الآن منتخب أقام معسكرات تدريبية مصغرة، ونشارك للمرة الأولى في بطولة عالمية، ولدينا إصرار على حجز مقعد عبور للتأهل إلى نهائيات كأس العالم العام المقبل".
ويؤكد البريهي أن "الإرادة هي كل شيء، وفقدان الأطراف ليس مشكلة، نحن لم نفقد الإرادة والعزيمة والإصرار".
ودعا الجهات المعنية في اليمن إلى دعم المنتخب وتقديم المساندة لفئة المعاقين، مشيرا إلى أن جميع أعضاء المنتخب اليمني المشاركين هم من ضحايا الألغام والحرب الدائرة في البلاد.
دعم نفسي واجتماعي كبير
وقال الصحفي والمحلل الرياضي اليمني منصور الدبعي، لـ((شينخوا)) إن مشاركة منتخب كرة القدم لذوي البتر تعد الأولى من نوعها، وتمثل دعما نفسيا واجتماعيا كبيرا لهذه الفئة المهمة في المجتمع اليمني.
وأوضح أن كرة القدم تمثل متنفس لجميع اليمنيين في ظل الحرب والصراع والاختلافات والانتماءات، وان اللعبة أثبتت أنها الأقدر على جمع اليمنيين رغم اختلاف توجهاتهم، وهو ما يظهر في كل مشاركة للمنتخبات الوطنية.
واعتبر أن تأسيس منتخب ذوي البتر ومشاركته خلال فترة وجيزة في بطولة دولية، خطوة مهمة، وتأكيد على أن اليمن مليء بالمواهب ذات العزيمة، وأن هذه الفئة من حقها تحدي الإعاقة وممارسة كرة القدم.
وأكد أن هذه المشاركة الأولى للمنتخب لا تتطلب تحقيق نتائج كبيرة، فالأهم الآن هو اكتساب الخبرة والمهارة ومعرفة آليات المشاركة في مثل هذه البطولات للاستفادة منها مستقبلًا.
ولفت إلى أن المنتخب، رغم حداثته وظروفه الصعبة وتأخر الدعم المالي لمشاركته، إلا أنه منتخب واعد، فاليمني دائمًا ما يتحدى الظروف والمصاعب ليصنع من اليأس فرصا للنجاح.
وأشار الصحفي والمحلل الرياضي الدبعي إلى أن الجماهير اليمنية تترقب مشاركة المنتخب الوطني في هذه البطولة، مؤكدا أن "الموهبة اليمنية لا تعرف حدودا، وأن اليمني متى ما أتيحت له الفرصة، قادر على استغلالها بشكل مثالي ورفع اسم بلاده عاليا".
ويعاني اليمن من نزاع بين الحكومة وجماعة الحوثي منذ أواخر العام 2014، وألقى هذا النزاع المستمر بظلاله على كافة مناحي الحياة في اليمن، وتسبب بـ"أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، وفق تقديرات أممية.
* فارس الحميري- وكالة شينخوا
لمتابعة الموقع على التيلجرام @Alasimahonline
تعليقات
اقرأ ايضاً
آخر الأخبار
كاريكاتير